نصائح في رحلة التعلم الذاتي للبرمجة و التقنية


تعتبر رحلة تعلم الذاتي مشوارًا مليئًا بالتحديات و العقبات، إلّا إن هناك دافع و رغبة في النفس لتعلّم المجال المرغوب به، تدفع المرء في الإستمرار و المحاولة للتغلب على الصعوبات، و في مجال التقني و البرمجة خصوصًا تكثُر المشتتات و فرص الضياع فيه، و في هذه التدوينة سأتطرق لأسباب المشكلات و طُرق تفاديها لخوض تجربة مليئة بالإنجازات !
قبل البدء في طرح المشكلات سأحدد نوعان ممن يرغبون في تعلّم البرمجة، الشخص الذي لديه هدف محدد و غاية، و شخص ضائع لا يعلم ماذا يريد، و لم يحدد توجّهه حتى الآن، و سأبدأ في مشكلات و تساؤلات الشخص الضائع في البداية ثم الشخص الذي لديه هدف محدد و غاية!
كيف أحدد المجال الذي أرغب به ؟
أود أن أخبرك في البداية بأنّ سؤالك لشخص المختص عمّا هو المجال الذي ترغب به هو أمر خاطئ! و إذا كان هناك سؤال من ممكن طرحه على أيّ شخص مختص هو : ما هي المجالات البرمجة ؟ لتأخذ معرفة عامة مبسّطة عن المجالات، و الأفضل هو أن تخوض في كل مجال تجربة بسيطة لتعرف و تستكشف الوجهة التي تناسبك، برمجة تطبيقات الويب أو برمجة تطبيقات الجوال أو الألعاب أو غيرهم، و من خلال التجربة و الإستكشاف و معرفة الأساسيات في كل مجال ستجيب على سؤالك ما هو المجال المناسب لي !
كيف أحدد المصادر المناسبة لأتعلم منها ؟
هناك مئات و ألاف المصادر لتعلم تقنية أو أداة ما في عالم التقنية و البرمجة أيضًا، و إن كنت تستطيع أن تتواصل مع شخص خبير أو مختص ليقترح عليك المصادر هو أمر حسن، و إن لم تستطع فهناك عدة عوامل يجب أخذها بالحسبان، سواءً كانت دورة أم كتاب، أن تكون الدورة أو الكتاب حديثة الإصدار، فهي فالغالب ستشرح التقنيات الجديدة و ليست القديمة، و كذلك أن ترى محتويات الدورة أو الكتاب لتعرف ماذا ستتعلم تحديدًا، و كذلك أن تتصفح الدورة لترى قابليتك لشرح المدرب أو أسلوب الكاتب، و نقطة مهمة أن ترى مراجعات الدورة أو الكتاب و أن يكون تقييمها مُرتفع و ممتاز!
لا تقضي ساعات طويلة في الجلسة الواحدة
من أكبر الأخطاء الشائعة و التي تحدّث لحماسة المرء في تعلّمه هي قضائه ساعات طويلة في التعلّم و قد تصل إلى يومه كاملًا، ثم ينام و يصحى ليُكمل يجد نفسه قد نسيّ الكثير، و تبدأ حالة الإحباط تتسلّل إليه رويدا رويدا حتى يترك التعلّم و يقطعه لشهور ثم يعاود الكرّة مرة أخرى، و هذا دواليك يتحمّس ثم يُصدم ثُم يُحبط ثُم يترك ثم يعود، لذلك يُنصح غالبًا أن تكون الجلسة تتراوح بين ساعة إلى ساعتين في اليوم، مشاهدة أو قراءة و الفهم ثم التطبيق، و يجب التنويه بأن هناك فروقات فردية، فهناك من يستطيع أن يتعلم في ثلاثة ساعات و آخرين أربعة ساعات، و لكن النسبة الكبيرة قدرتهم على الإستيعاب تكون بين الساعة لساعتين، و لتكن قاعدتك هي ساعتان في اليوم، فقليل دائم خير من كثير مُنقطع!
إيّاك أن تتعلم من مصدرين في آن واحد
من الأخطاء الشائعة للأشخاص الذين يتعلمون تعليم ذاتي هم مُتابعتهم لأكثر من دورة لنفس الموضوع أو المجال في آن واحد، و هذه البوابة الأولى للضياع و التشتيت، فبدل التركيز على مصدر واحد حتى إنهاءه و تمرّن عليه، يتلقّى من مصدرين و حين التطبيق سيختلط عليه و تبدأ الأخطاء تظهر واحدة وراء أخرى، و السبب هو بأن كل شخص له أسلوب محدد في كيفية تدريبه و كذلك المصادر و المراجع و إختلاف المناهج، و كذلك من ممكن أن يكون المصدر الأول قد تجاوز عن نقاط لسبب يراه و المصدر الآخر يقدّمها في محتواه لسبب يراه أيضًا، و كلاهما صحيح نسبيًا، لذلك أن كُنت تتعلم جافاسكربت من مصدر س، لا تذهب لمصدر ص حتى تتم مصدر س و تنهيه.
هواية أم للحصول على وظيفة
إذا كنت تتعلم ذاتيًا لهواية، لتصنع تطبيقاتك الخاصة في جهازك فقط، فلا بأس أن تتعلم أيّ تقنية تحقق هدفك، سواءً Python أو Javascript أو غيرهم، و لكن إن كُنت تهدف إلى أن تتوظف بعد أن تتعلّم فهنا يجب عليك معرفة مُتطلبات السوق و التقنيات التي يستخدمها السوق المحلي حولك في مجال الذي أخترته، فمثلًا على سبيل المثال لو كُنت ترغب في تعلّم تطوير تطبيقات الويب ( Back-end )، فمن الخطأ أن تتعلم C++، فهي ليست موجودة في مجال الويب، ثمّ تحدد أكثر، هل ترغب أن تتوظف في قطاع البنوك و الجهات الحكومية؟ فهنا ليس من المناسب أن تتعلّم Ruby أو Python، بل عليك التوجّه إلى إطار العمل Spring boot لـ جافا أو ASPNET لـ C#، و إذا رغبت بقطاع الخاص ففي الغالب ستواجه PHP و إطار عملها الشهير Laravel، و خلاصة النقطة هي أن تتعلم التقنيات المطلوبة في المجال الذي حددته لنفسك إذا ترغب في الحصول على وظيفة في نهاية رحلتك للتعلّم الذاتي!
إذا كُنت طالب جامعي في كليات التقنية "نصيحة"
إيّاك و الإنتظار حتى تتخرج لتبدأ في تطوير نفسك في مجال التقني، بل يجب عليك البدء في تطوير نفسك من أول سنة تتخصص فيها، و أن تبحث عن فرص تدريب لتكتسب الخبرة و لتتعرف على المجالات بشكل أعمق و أفضل لتحدد المسار الذي تتوجّه له، فالجامعات تأسسك فقط و لكنها لا توظّفك بشهادتها فقط، بل أحرص على الإكتشاف و البدء مُنذ البداية لزيادة نسبة حصولك على وظيفة قبل أن تتخرج أو حينما تتخرج.
أغلق أذنيك عن نصائح تطبيقات التواصل الإجتماعي
في تطبيقات التواصل الإجتماعي ستجد ترويج شديد للغة ما بأنّها لغة لكل مجال و في البداية سأخبرك بأنّه لا توجد لغة لكل مجال، و بأنّ من يروّجون لمثل هذه الترهات هم أناس مُتعصبين، و هذه نقطة أخرى إيّاك و التعصّب للغة أو إطار ما، فالسوق ينبذ المُتعصبين و ينبذ الأشخاص الذين يقيّدون أنفسهم في تقنية واحدة فقط، و ستجد الكثير يروّج لأفكار خاطئة و يُخبرك بأن لغة ما ماتت أو تموت أو ستنتهي، و ينصحك بلغة أخرى، و عندما تستمع للأقوال، ستجد نفسك تدور في حلقة مُفرغة، و ستجد نفسك كل فترة تنتقل لتتعلم تقنية بسبب نصيحة شخص ما و لم تُكمل التي تسبقها، إن كان و لا بد فاسأل المُدربين و المختصين و الذين لهم خبرة طويلة في السوق، لتعلم التقنيات المستخدمة فعلًا و تتعلمها دون سواها.
افهم التقنية كيف تعمل و تستعملها لا كيف بُنيت
من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الشخص حينما يتعلم مجال الويب مثلًا، هو محاولة فهم لُبّ التقنية كيف تعمل، كيف بُنيت، و في النهاية يكتشف بأنّه أنحرف عن هدفه و بدأ في التعمّق ليجد نفسه اكتسب معلومات رُبما لن يستفيد منها مُطلقًا، و يجد نفسه قد وصل إلى كيف يتم بناء نواة نظام تشغيل ! مثل هذه التفاصيل لا تغني و لا تسمن من جوع إذا كان مجالك لا يلتفت لها، و لست مُتخصصًا في تطوير الأنظمة أو برمجة مترجمات للغات البرمجة، أفهم التقنية لتستخدمها.
الخلاصة
رحلة التعلّم الذاتي ممتعة و مليئة بالتحديات، لذلك حاول قدر المستطاع أن تستمتع بها و لا تُشتت نفسك و تنحرف عن أهدافك التي ترغب في تحقيقها.